قصص

قصة مكالمه لا تنسي

لمَّا تكون بتشتغَل موظَّف استقبال في النجدة (911) بتكون عارف إنك هتكون مضغوط طول الوقت، ساعات الموضوع هيكون مؤلِم جدًا، بس إحساس إنك بتساعِد المُجتمَع، بيخليك طاير من الفرحة رغم كُل حاجة
أنا عايش في مدينة متوسطة الحجم، عشان كدا شُفت حاجات مُخيفة ومجنونة في فترة شُغلي، بس اللي حَصَل ليلة إمبارح.. كان غريب، إمبارح بقيت نفسي في وسط موقف مُخيف أكتر من أي حاجة عشتها أو سمعت عنها في حياتي
المُكالمة جت تقريبًا في حدود الساعة 9:15 مساءً
أنا: ” 911، إيه الحالة الطارئة اللي عندك؟ “
المُتصِل (بينهِج بتوتُّر): ” أنا موجود قُريِّب من (مول مشهور في المدينة) وكُنت بركن عربيتي في الجراج الصُغيَّر اللي هناك، وشُفت عربية مقلوبة بالقُرب من المدخل ومولَّعة، الأبواب مفتوحة، بس المكان هنا شكله فاضي تمامًا “
كتبت العنوان بالتفصيل وبعتت بيه رسالة للشُرطة، وسألته: ” اسمك إيه يا فندم؟ وقولي.. إنت قادِر تشوف لو حد مُحاصَر في العربية ولا لأ؟ بس لو سمحت بلاش تقرَّب من العربية، قولي شايِف إيه من عندك؟ “
المُتصل: ” لا يا فندم، اسمي كايل، ولأ مش شايف حد جواها، كُل الأبواب الأربعة مفتوحين تمامًا، يبدو إن اللي فيها خرجوا، الغريب إني مش قادر أشوف حد هنا “
قُلتله: ” أنا بعتلك في الطريق عربية مطافي وعربية شُرطة دلوقتي، بس محتاجك تقولي حجم الحريق إيه دلوقتي؟ “
كايل: ” هو.. هو فيه صوت غريب جاي من الأوضة اللي في الجراج، صوت صريخ بضحك.. أو.. أو ضحك بصريخ، صوت غريب ومُخيف أوي، المفروض إنك تكون سامعه دلوقتي، والنار؟ لا مش قوية، النُص الأمامي من العربية مُحترِق تمامًا بس النار دلوقتي ضعيفة وشكلها مش هتنتشِر أكتر من كدا، بس الصوت بيعلى أكتر، طيب بُص.. أنا هروح أستناهم في عربيتي أحسَن “
كتبت كُل المعلومات اللي قالها وبعتها في رسالة للي رايحين هنا، قُلتله: ” تمام جدًا يا فندم، خدمات الطوارئ هتوصَل عند حضرتك خلال دقيقتين، المكان زحمة شوية بس عشان الأعياد، بس خلاص قرَّبوا يوصلوا، إنت كويس؟ “
كايل: ” أعتقد آه، أنا شايف نور جاي من جوا الأوضة، لا.. لا.. دا أنوار المكان كُلها بتنوَّر بشكل غريب ورا بعض “
للمرة التانية كُنت بكتِب كُل المعلومات اللي بيقولها عشان أبعتها ليهم، قُلتله: ” تمام جدًا يا فندم، لو سمحت متخرجش من عربيتك، الشُرطة هتكون عندك خلال دقايق “
كايل: ” الصوت توقَّف، بس فيه حاجة مش صح، أنا حاسِس إن في حركة في المكان، رغم إني مش شايِف حد خالص، أستنى.. أنا شايف عربية الشُرطة وعربية المطافي وصلوا أهو، مُمكِن أقفل الخط بقي؟ “
قُلتله: ” آه مُمكِن، شكرًا جدًا لحضرتك إنك بلغتنا باللي حَصَل، أتمنى ليك ليلة سعيدة “
بمُجرَّد ما كايل قفل الخط، بدأت أجهِّز نفسي لاستقبال مُكالمات تانية، بس الغريب إن الليلة دي كانت هادية، لدرجة إن تقريبًا مكانش فيه مُكالمات، قرَّرت أسلي نفسي وأرضي فضولي وأسمع الضُبَّاط اللي استجابوا لمُكالمة الجراج
دوريان: ” دوريان هنا، أنا وصلت الجراج اللي في (العنوان)، العربية المقلوبة عربية سيدان لكن هي مش مولَّعة أصلًا، مش عارف ليه المُتصِل قال إن الموضوع فيه نار، الضابط هاري بيتوجَّه دلوقتي عشان يستجوِّب المُتصِل ويحاول ياخد منه أي معلومات مُمكِن تفيدنا، أنا واقف على باب الجراج المفتوح، الأوضة اللي موجودة باين إنها مخرج لمحل إليكترونيات أو حاجة زي كدا، بس من الواضح إن محدش دخلها من فترة طويلة، نور المكان كُله مفتوح، فيه دم على مدخل الأوضة، أنا هدخُل أتطمِّن، يمكِن يكون فيه حد من ركاب العربية المقلوبة مُصَاب جوا “
بعد شوية نده على هاري زميله وهو بيقوله: ” هاري.. أنا شايف دم على مدخل الأوضة، لمَّا تخلَّص معاه من فضلك تعالى ساعدني، أنا هدخُل دلوقتي “
هاري: ” عُلِم “
(في اللحظة دي كُنت قادر أسمع دوريان بيدوس في سائل وبيتحرَّك جواه، أعتقد دي بركة الدم اللي كان بيقول عليها)
دوريان لهاري: ” بالقُرب من المدخل وتحديدًا ناحية الرُكن اليمين من الأوضة فيه سكينة كبيرة محطوطة على المكتب، عليها دم وواضِح إنه جديد، يبدو إن الموضوع مش بسيط، مُمكِن تيجي هنا من فضلك؟ “
هاري: ” جايلك حالًا “
(كُنت سامع خطوات هاري وهو بيقرَّب من الأوضة، بس الغريب هو صوت الضحك اللي بدأت أسمعه من عند دوريان، صوت ضحك زي اللي كايل كان بيحاوِل يوصفه)
دوريان: ” الشُرطة، لو إنت هنا.. اظهر نفسك لو سمحت! “
(صوت الضحك المُرعِب بيعلى أكتر)
هاري: ” لو إنت مُصاب، فإحنا هنا عشان نساعدك، لو سمحت قولنا إنت فين! “
هاري لدوريان: ” تعالى نروح ندوَّر في نهاية الأوضة، الصوت جاي من الأوضة الصُغيَّرة اللي هناك دي “
(لمُدة 20 ثانية تقريبًا كُنت سامِع الإتنين بيتحرَّكوا، كانوا بيكرَّروا نفس الجُملة: لو إنت مُصاب قول عشان نقدر نساعدك)
دوريان: ” يا الله، بُص من الشباك دا، فيه وش هناك أهو “
هاري: ” لو سمحتم.. إحنا محتاجين دعم، إحنا محتاجين دعم، اللي إحنا فيه دا مش حادثة عادية “
(صوت خربشة عالي في الخلفية، وراه نفس الضحكة المليانة صراخ المُخيفة)
دوريان: ” الشُرطة، عرَّف عن نفسك ووضَّح مكانك حالًا “
هاري: ” هو الجو حر أوي ولا أنا بيتهيألي؟ “
(في اللحظة دي حصل حاجة ويبدو إن مصدر الضحك ظهر أدام الضُبَّاط لأنهم اتملوا خوف بشكل غريب)
هاري: ” ارمي اللي في إيدك وانزل على الأرض، إرميه وانزل على الأرض حالًا! “
دوريان: ” مالك؟ هاري هو ماله؟ بيعمِل كدا ليه؟ “
هاري: ” محتاجين دعم، محتاجين دعم حالًا “
دوريان: ” ارمي اللي في إيدك وانزل على الأرض “
هاري: ” أنا مش كويس، المكان هنا حر بشكل مش طبيعي “
(الضحك كان مستمِر، لكنه كان بيتحوَّل لصراخ وحشي مليان عُنف، سمعت صوت إطلاق رصاص، لأ.. فيه حاجة غلط)
دوريان: ” محتاجين دعم! اقفلوا المكان كويس! المكان دا محتاج تطهير!! إوعوا تسمحوا له بالخروج من هنا! “
(صوت إطلاق رصاص)
هاري (بيصرُخ في حد، تقريبًا واحد من رجال المطافي): ” اخرج من هنا!! “
الخطوط كُلها فصلت، صمت تام، مفيش أي صوت من أي حد، مش قادر أوصل لحاجة، بعدها بلحظات جالنا أوارم عُليا ننسى اللي حَصَل ونركِّز في شُغلنا، الموضوع مُتكتِّم عليه بشكل غريب، مفيش أي معلومات وكأن الموضوع سر حربي
المُخيف في الموضوع هو صوت الضحك الغريب والمُرعِب دا، الصوت كان فيه صدى غريب، كأنه جاي من عالم تاني، أنا مش عارف أنام.. كُل ما أنام أسمع الصوت، وكُل مرة بيقرَّب مني أكتر
مش عارف أعمل إيه!
.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى